الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
- استدل الشافعية على ذلك بأحاديث: منها في "الصحيحين" حديث المغيرة: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين"، وفي غير الصحيح من ذلك كثير، وليس فيها حجة، لأنا نقول بعدم جواز المسح إلا بعد غسل الرجل، ومحل الخلاف يظهر في مسألتين: إحداهما: إذا أحدث، ثم غسل رجليه، ثم لبس الخفين، ثم مسح عليهما، ثم أكمل وضوءه. الثانية: إذا أحدث، ثم توضأ، فلما غسل إحدى رجليه لبس عليها الخف، ثم غسل الأخرى، ثم لبس عليها الخف، فإن المسح عندنا جائز في الصورتين، خلافًا لهم. هذا تحرير مذهبنا، وهم يطلقون النقل عن مذهبنا، ويقولون: الحنفية لا يشترطون كمال الطهارة في المسح، وهذا يدخل فيه ما لو توضأ ولم يغسل رجليه، ثم لبس الخفين، وليس كذلك عدنا بل لا يجوز له المسح في هذه الصورة، لأن الحدث باق في القدم، كما ذكره في "الكتاب" وأقرب ما استدلوا به حديث أخرجه الدارقطني [في "باب المسح على الخفين من غير توقيت" ص 75. والطحاوي: ص 50] عن المهاجر بن مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما، انتهى. قالوا: ووجه الحجة أن - الفاء - للتعقيب، والطهارة إذا أطلقت إنما يراد بها الطهارة الكاملة، وجوابنا [قلت: هذا الحديث أخرجه الشافعي في "الأم" ص 29 - ج 1، وابن جارود من طريق ابن معين: ص 49، وابن ماجه: ص 41 عن محمد بن بشار. وبشر بن بلال. وابن أبي شيبة: ص 120، عن زيد بن الحباب، والدارقطني: ص 71 من طريق محمد بن المثنى. وابن الأشعث. وعباس ين مزيد. والبيهقي: ص 281 من طريق محمد بن أبي بكر، كلهم عن عبد الوهاب الثقفي عن المهاجر به، والبيهقي: ص 276 من حديث زيد بن الحباب، عن عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن به، ولم يذكر أحد منهم: إذا تطهر فلبس خفيه، إلا ما عند الدارقطني: ص 75، وعند الطحاوي: ص 50.] أن هذا حديث ضعيف، فإنهم تكلموا في "مهاجر بن مخلد" قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: لين الحديث ليس بذلك، ثم إنه قد روى - بالواو - ولبس خفيه، وعلى تقدير صحته فهو محمول على طهارة الرجلين، واللّه أعلم. وأما ابتداء مدة المسح على الخفين، ففيه ثلاثة أقوال عندنا: فقيل: من وقت اللبس، وقيل: من وقت المسح، وقيل: من وقت الحدث، قال ابن دقيق العيد في "الإمام": أما من اعتبرها من وقت اللبس، فقد استدل له بحديث صفوان بن عسال، كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين - أو سفرًا - أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، من حيث أنه جعل الثلاث مدة اللبس، وأما من اعتبرها من وقت المسح فبحديث أبي بكرة، وفيه ألفاظ أقواها في مرادهم ما علق الحكم فيه بالمسح، كالرواية التي ذكرناها من جهة عبد الرزاق عن معمر، وفيها فأمرنا أن يمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر: ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا، انتهى. قلت: وهذا اللفظ أيضًا في حديث صفوان بن عسال عند أحمد في "مسنده" [قلت: هذا الحديث أخرجه الشافعي في "الأم" ص 29 - ج 1، وابن جارود من طريق ابن معين: ص 49، وابن ماجه: ص 41 عن محمد بن بشار. وبشر بن بلال. وابن أبي شيبة: ص 120، عن زيد بن الحباب، والدارقطني: ص 71 من طريق محمد بن المثنى. وابن الأشعث. وعباس ين مزيد. والبيهقي: ص 281 من طريق محمد بن أبي بكر، كلهم عن عبد الوهاب الثقفي عن المهاجر به، والبيهقي: ص 276 من حديث زيد بن الحباب، عن عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن به، ولم يذكر أحد منهم: إذا تطهر فلبس خفيه، إلا ما عند الدارقطني: ص 75، وعند الطحاوي: ص 50.] أمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر، ثلاثًا إذا سافرنا، وليلة إذا أقمنا، وفي لفظ له: وقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن يمسح على خفيه إذا أدخل رجليه على طهور، وللمقيم يوم وليلة، واللّه أعلم. الحديث الأول: قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: - "أقل الحيض للجارية البكر الثيب ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام"، قلت: روي من حديث أبي أمامة. ومن حديث واثلة بن الأسقع. ومن حديث معاذ بن جبل. ومن حديث أبي سعيد الخدري. ومن حديث أنس بن مالك. ومن حديث عائشة. - أما حديث أبي أمامة، فرواه الطبراني في "معجمه" والدارقطني في "سننه" [ص 80] من حديث حسان بن إبراهيم بن عبد الملك عن العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي أمامة أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال:"أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة وأكثر ما يكون عشرة أيام، فإذا زاد فهي مستحاضة"، قال الدارقطني: عبد الملك مجهول، والعلاء بن كثير: ضعيف الحديث، ومكحول: لم يسمع من أبي أمامة، وأخرجه ابن عدي في "الكامل" ولين حسان بن إبراهيم [حسان بن إبراهيم الكرماني صدوق يخطئ "التقريب".]، وقال: إنه لا يعتمد الكذب، ولكنه يَهِمُ، وهو عندي لا بأس به، انتهى. ورواه ابن حبان في "كتاب الضعفاء" من حديث سليمان بن عمر. وأبي داود النخعي عن يزيد [وفي نسخة "يزيد بن يزيد". ] بن جابر عن مكحول به، وأعله بأبي داود النخعي، وقال: إنه يضع الحديث، وأعله بالعلاء بن كثير أيضًا، وقال: إنه يروي الموضوع عن الأثبات، لا يحل الاحتجاج به إذا وافق الثقات، فكيف إذا تفرد؟ قال: ومن أصحابنا من زعم أنه العلاء بن الحارث، وليس كذلك، فإن العلاء بن الحارث حضرمي، وهذا من موالي بني أمية، ذاك صدوق. وهذا ليس بشيء. - وأما حديث واثلة، فرواه الدارقطني في "سننه" حدثنا أبو حامد محمد بن هارون ثنا محمد بن أحمد بن أنس الشامي ثنا حماد بن المنهال البصري عن محمد بن راشد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: "أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام، انتهى. قال الدارقطني: حماد بن منهال مجهول، ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف، انتهى. وقال ابن حبان: محمد بن راشد كثرت المناكير في روايته، فاستحق الترك، انتهى. - وأما حديث معاذ، فأخرجه ابن عدي في "الكامل" عن محمد بن سعيد الشامي حدثني عبد الرحمن بن غنيم سمعت معاذ بن جبل يقول: إنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول: لا حيض دون ثلاثة أيام. ولا حيض فوق عشرة أيام، فما زاد على ذلك فهي مستحاضة تتوضأ لكل صلاة إلا أيام أقرائها، ولا نفاس دون أسبوعين، ولا نفاس فوق أربعين يومًا، فإن رأت النفساء الطهر دون الأربعين صامت وصلت، ولا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين، انتهى. وضعف محمد بن سعيد هذا عن البخاري. وابن معين. وسفيان الثوري، وقالوا: إنه يضع الحديث، وأخرجه العقيلي في "ضعفاءه" عن محمد بن الحسن الصدفي عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن حنبل، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "لا حيض أقل من ثلاث، ولا فوق عشر"، انتهى. وأعله بمحمد بن الحسن الصدفي، وقال: مجهول بالنقل، وحديثه غير محفوظ، انتهى. - وأما حديث الخدري، فرواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" من حديث أبي داود النخعي حدثني أبو طوالة عن أبي سعيد الخدري عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "أقل الحيض ثلاث وأكثره عشر، وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشرة يومًا، انتهى. قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: كان سليمان يضع الحديث، وهو أبو داود النخعي، وقال أحمد: كان كذابًا، وقال البخاري: هو معروف بالكذب، وقال يزيد بن هارون لا يحل لأحد أن يروي عنه. - وأما حديث أنس: فأخرجه ابن عدي في "الكامل" عن الحسن بن دينار عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "الحيض ثلاثة أيام. وأربعة. وخمسة. وستة. وسبعة. وثمانية. وتسعة. وعشرة، فإذا جاوزت العشر فهي مستحاضة"، انتهى. وأعله بالحسن بن دينار، وقال: إن جميع من تكلم في الرجال أجمع على ضعفه، قال: ولم أر له [قال ابن المبارك: اللّهم لا أعلم إلا خيرًا، ولكن وقف أصحابي فوقفت "ميزان".] حديثًا جاوز الحد في النكارة، وهو إلى الضعف أقرب، وهو معروف "بالجلد بن أيوب" عن معاوية بن قرة عن أنس موقوفًا، وقد رويناه كذلك فيما تقدم في "حرف الجيم"، انتهى. - وأما حديث عائشة فلم أجده موصولًا، ولكن قال ابن الجوزي في "التحقيق، وفي العلل المتناهية": وروى حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه قال: "أكثر الحيض عشر، وأقله ثلاث" قال: وحسين بن علوان، قال ابن حبان: كان يضع الحديث لا يحل كتب حديثه، كذبه أحمد. ويحيى بن معين،، وكذلك ذكره ابن حبان في "كتاب الضعفاء" لم يصل سنده به، وقال ما نقله ابن الجوزي. قال ابن الجوزي في "التحقيق": واستدل أصحابنا. وأصحاب مالك. والشافعي على أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا، بحديث رووه عن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: " تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي" قال: وهذا حديث لا يعرف، وأقرّه صاحب "التنقيح" عليه، قوله: روي أن عائشة رضي اللّه عنها جعلت ما سوى البياض الخالص حيضًا، قلت: روى مالك، [في "الموطأ" في "باب طهر الحائض" ص 20.] وعنه محمد بن الحسن في "موطأيهما" عن علقمة بن أبي علقمة عن أمِّه مولاة عائشة، قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة، فيقول لهن: لا تعجلن حين ترين القصة البيضاء "تريد بذلك الطهر من الحيضة"، انتهى. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا معمر عن علقمة بن أبي علقمة به، سواء، وأخرجه البخاري في "صحيحه" [في "باب إقبال المحيض وإدباره" ص 46.] تعليقًا، ولفظه قال: وكن النساء يبعثن إلى عائشة بالكرسف فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، انتهى. - حديث آخر، روى ابن شيبة في "مصنفه" حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: كنا في حجرها مع بنات ابنها، فكانت إحدانا تطهر، ثم تصلي، ثم تنكسر بالصفرة اليسيرة، فتسألها، فتقول: اعتزلن الصلاة ما رأيتن ذلك حتى لا ترين إلا البياض خالصًا، انتهى. حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن ربطة مولاة عمرة عن عمرة أنها كانت تقول للنساء: إذا أدخلت إحداكن الكرسفة فخرجت متغيرة، فلا تصلي حتى لا ترى شيئًا، انتهى. -
|